الحركة الثقافية خلال فترة الاحتلال
الحركة الثقافية بمدينة مغنية ونواحيها خلال الفترة الاستعمارية لم تعرف المدينة ونواحيها ازدهارا ثقافيا بالمعنى المفهوم عن
عبارة الحركة الثقافية، وذلك لصغرها وحداثة نشأتها والطابع الريفي الغالب عليها من جهة،
ولقربها من تلمسان التي كانت تستقطب رجالات الفكر والثقافة، ولما يتوافرلهم بها من عوامل التشجيع، وروافد المعرفة من جهة ثانية.
إلا أنهلم يمنع سكان المنطقة من الإسهام الوافر في مجال الحفاظ على تراثهمالإسلامي وحفظ شخصيتهم العربية من الضياع والتمزق.
ويرجع ذلك أساساإلى الكتاتيب القرآنية المنتشرة في المدينة ونواحيها، والتي كانت تعجبالصبيان الذين رفض أولياؤهم بكل قوة أن يعلموهم لغة المستعمر، رغم وسائلالضغط التي لجأ إليها لفرض لغته على سكان الناحية.
وأهم هذهالكتاتيب، والتي كان العامة يطلقون عليها اسم (الجوامع) (جامع زوجبغال)الواقعة قرب حدود الجزائرية المغربية .. وجامع مغنية المدينة:
لقدكان لهذين الجامعين أهمية خاصة، حيث أن الدراسة فيهما لم تقتصر على تحفيظالقرآن الكريم فقط، بل تجاوزته إلى فنون من المعارف الدينية واللغوية،وكان الطلبة يفدون إليها من القرى القريبة والنائية، رغبة في العلموالمعرفة، وكان نظام الدراسة في هذين الجامعين هو النظام التقليدي الذييكاد يكون معروفا في كافة الأقطار العربية، فقد كان الطالب المبديء بعدحفظه للقرآن الكريم يبدأ دراسته بالآجرومية في النحو، ومتن ابن عاشر فيالعقائد والفرائض ، فإذا ما استوعبهما انتقل إلى دراسة القطر لابن هشام،والرسالة لأبي زيد القيروان، ثم ينتقل بعد ذلك إلى دراسة الألفية ولاميةالأفعال لابن مالك، ومختصر خليل، وربما درس السيرة النبوية وشيئا منالبلاغة والمنطق، وبذلك ينهي الطالب دراسته ويصبح الطالب مؤهلا لأن يطلقعليه اسم (العالم )فمن الطلبة من يقف عند هذا الحد، ويعود إلى عشيرتهفتتلقاه بالحفاوة والترحاب، وتقام له الحفلات، وينصب إماما لها وقاضيهاومفتيها، يلجا إليه السكان في قضايا دينهم، وفي الخصومات بينهم، وعقدالزواج إلا في القليل النادر.
ومن الطلبة من كان يواصل مسيرةالبحث عن المعرفة، فينتقل إلى أقرب مورد لها، وهو بالنسبة لهذه المنطقةأمتعة القرويين بفاس، أو ينتقل إلى جامعة الزيتونة بتونس، ومنهم من كانيشد الرحال إلى المشرق إلى جامع الأزهر الشريف.
لقد كان ذلك نوعامن الصمود في وجه المحاولات الاستعمارية الرامية إلى فصل هذه الأمة عنتراثها وأصالتها وعروبتها، تمهيدا لدمجها في كيانه الدخيل الغريب.
وقدتخرج من الجامعين المذكورين عدد من الرجال واصلوا مسيرة الرفض والصمود فيوجه محاولات المسخ والتشويه التي مارسها المستعمر منذ أن وطأت قدماه ترابهذه الأرض الطاهرة إلى أن طرد منها مدؤوما مدحورا.
وفي مطلعالثلاثينات من القرن الماضي زار مدينة مغنية المصلح الجزائري الكبير الشيخعبد الحميد بن باديس وألقى بالمسجد الكبير خطابا شرح فيه دعوته الإصلاحيةالرامية إلى تنقية الدين من الخرافات والبدع وتحريره من قبضة مشايخ الطرقوسيطرة الدراويش وذلك بالرجوع إلى المصدرين الأساسيين لهذا الدين الكتابوالسنة، ولم يتأتى ذلك إلا بإنشاء مدارس لتعليم اللغة العربية على الطريقةالحديثة। واغتنم الشيخ فرصة وجوده بالمدينة ففتح اشتراكا في جريدة الشهابتسابق إلى الإسهام فيه أعيان الناحية.
ومهما كان أثر هذه الزيارة، فإن ثمرتها المرجوة لم تبرز إلى الوجود إلا في نهاية العقد الرابع وبداية العقد الخامس من القرن الماضي
ففيهاته الفترة أسست مدرسة التربية والتعليم تحت إشراف جمعية العلماء منالتبرعات التي ساهم بها أنصار الجمعية بالناحية وحضر تدشينها المرحومالشيخ البشير الإبراهيمي سنة 1952.
وقد اشتملت مدرسة التربيةوالتعليم على خمس (05) حجرات وبلغ عدد التلاميذ نحو ثلاثين ومائتي تلميذ(230) بين ملازم وغير ملازم، بينما مدرسة التقدم اشتملت على نحو خمسينوثلاثمائة تلميذ (350).
وكان اشتراك الشهري لكل تلميذ يتراوح بيندينار ونصف إلى ثلاثة دنانير، يعفى من أدائه الفقراء والمساجين السياسيين،بينما كانت أجرة الأستاذ تتراوح بين خمسة وعشرون دينار كحد أدنى إلى خمسينومائتين كحد أقصى.
كانت هذه المدارس تتولى إلى جانب التعليم مهمةالوعظ والإرشاد وبث الوعي القومي الوطني بين أوساط السكان، لذلك سرعان ماأقفلها المستعمر في بداية حرب التحرير وألقى بمعظم أساتذتها في غياهبالسجون.
تحولت مدرسة التربية والتعليم بعد الاستقلال إلى مدرسةتابعة لوزارة التعليم الابتدائي والثانوي وأصبحت تحمل اسم عبد الحميد بنباديس وألحقت بها مدرسة التقدم إداريا.
الحركة الثقافية بمدينة مغنية ونواحيها خلال الفترة الاستعمارية لم تعرف المدينة ونواحيها ازدهارا ثقافيا بالمعنى المفهوم عن
عبارة الحركة الثقافية، وذلك لصغرها وحداثة نشأتها والطابع الريفي الغالب عليها من جهة،
ولقربها من تلمسان التي كانت تستقطب رجالات الفكر والثقافة، ولما يتوافرلهم بها من عوامل التشجيع، وروافد المعرفة من جهة ثانية.
إلا أنهلم يمنع سكان المنطقة من الإسهام الوافر في مجال الحفاظ على تراثهمالإسلامي وحفظ شخصيتهم العربية من الضياع والتمزق.
ويرجع ذلك أساساإلى الكتاتيب القرآنية المنتشرة في المدينة ونواحيها، والتي كانت تعجبالصبيان الذين رفض أولياؤهم بكل قوة أن يعلموهم لغة المستعمر، رغم وسائلالضغط التي لجأ إليها لفرض لغته على سكان الناحية.
وأهم هذهالكتاتيب، والتي كان العامة يطلقون عليها اسم (الجوامع) (جامع زوجبغال)الواقعة قرب حدود الجزائرية المغربية .. وجامع مغنية المدينة:
لقدكان لهذين الجامعين أهمية خاصة، حيث أن الدراسة فيهما لم تقتصر على تحفيظالقرآن الكريم فقط، بل تجاوزته إلى فنون من المعارف الدينية واللغوية،وكان الطلبة يفدون إليها من القرى القريبة والنائية، رغبة في العلموالمعرفة، وكان نظام الدراسة في هذين الجامعين هو النظام التقليدي الذييكاد يكون معروفا في كافة الأقطار العربية، فقد كان الطالب المبديء بعدحفظه للقرآن الكريم يبدأ دراسته بالآجرومية في النحو، ومتن ابن عاشر فيالعقائد والفرائض ، فإذا ما استوعبهما انتقل إلى دراسة القطر لابن هشام،والرسالة لأبي زيد القيروان، ثم ينتقل بعد ذلك إلى دراسة الألفية ولاميةالأفعال لابن مالك، ومختصر خليل، وربما درس السيرة النبوية وشيئا منالبلاغة والمنطق، وبذلك ينهي الطالب دراسته ويصبح الطالب مؤهلا لأن يطلقعليه اسم (العالم )فمن الطلبة من يقف عند هذا الحد، ويعود إلى عشيرتهفتتلقاه بالحفاوة والترحاب، وتقام له الحفلات، وينصب إماما لها وقاضيهاومفتيها، يلجا إليه السكان في قضايا دينهم، وفي الخصومات بينهم، وعقدالزواج إلا في القليل النادر.
ومن الطلبة من كان يواصل مسيرةالبحث عن المعرفة، فينتقل إلى أقرب مورد لها، وهو بالنسبة لهذه المنطقةأمتعة القرويين بفاس، أو ينتقل إلى جامعة الزيتونة بتونس، ومنهم من كانيشد الرحال إلى المشرق إلى جامع الأزهر الشريف.
لقد كان ذلك نوعامن الصمود في وجه المحاولات الاستعمارية الرامية إلى فصل هذه الأمة عنتراثها وأصالتها وعروبتها، تمهيدا لدمجها في كيانه الدخيل الغريب.
وقدتخرج من الجامعين المذكورين عدد من الرجال واصلوا مسيرة الرفض والصمود فيوجه محاولات المسخ والتشويه التي مارسها المستعمر منذ أن وطأت قدماه ترابهذه الأرض الطاهرة إلى أن طرد منها مدؤوما مدحورا.
وفي مطلعالثلاثينات من القرن الماضي زار مدينة مغنية المصلح الجزائري الكبير الشيخعبد الحميد بن باديس وألقى بالمسجد الكبير خطابا شرح فيه دعوته الإصلاحيةالرامية إلى تنقية الدين من الخرافات والبدع وتحريره من قبضة مشايخ الطرقوسيطرة الدراويش وذلك بالرجوع إلى المصدرين الأساسيين لهذا الدين الكتابوالسنة، ولم يتأتى ذلك إلا بإنشاء مدارس لتعليم اللغة العربية على الطريقةالحديثة। واغتنم الشيخ فرصة وجوده بالمدينة ففتح اشتراكا في جريدة الشهابتسابق إلى الإسهام فيه أعيان الناحية.
ومهما كان أثر هذه الزيارة، فإن ثمرتها المرجوة لم تبرز إلى الوجود إلا في نهاية العقد الرابع وبداية العقد الخامس من القرن الماضي
ففيهاته الفترة أسست مدرسة التربية والتعليم تحت إشراف جمعية العلماء منالتبرعات التي ساهم بها أنصار الجمعية بالناحية وحضر تدشينها المرحومالشيخ البشير الإبراهيمي سنة 1952.
وقد اشتملت مدرسة التربيةوالتعليم على خمس (05) حجرات وبلغ عدد التلاميذ نحو ثلاثين ومائتي تلميذ(230) بين ملازم وغير ملازم، بينما مدرسة التقدم اشتملت على نحو خمسينوثلاثمائة تلميذ (350).
وكان اشتراك الشهري لكل تلميذ يتراوح بيندينار ونصف إلى ثلاثة دنانير، يعفى من أدائه الفقراء والمساجين السياسيين،بينما كانت أجرة الأستاذ تتراوح بين خمسة وعشرون دينار كحد أدنى إلى خمسينومائتين كحد أقصى.
كانت هذه المدارس تتولى إلى جانب التعليم مهمةالوعظ والإرشاد وبث الوعي القومي الوطني بين أوساط السكان، لذلك سرعان ماأقفلها المستعمر في بداية حرب التحرير وألقى بمعظم أساتذتها في غياهبالسجون.
تحولت مدرسة التربية والتعليم بعد الاستقلال إلى مدرسةتابعة لوزارة التعليم الابتدائي والثانوي وأصبحت تحمل اسم عبد الحميد بنباديس وألحقت بها مدرسة التقدم إداريا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق