تاريخ مدينة مغنية Lalla Marnia
الحلقة (3/1)1 ــ لمحة تاريخية Aperçu Historique
مدينة عتيقة ذات موقع استراتيجي هام منفتح على البحر الأبيض المتوسط وأوروبا مرورا بالمغرب، تقع على بعد 55 كلم غرب الولاية تلمسان غير بعيد عن الحدود المغربية، تحيط بها جبال فلاوسن والترارة وعصفور، وتشتهر بأراضيها الخصبة؛ فقد وصفها صاحب (الاستبصار في عجائب الأمصار) بأنها مدينة معلومة بكثرة البساتين والجنان والمزروعات وكثرة المياه والعيون، طيبة الهواء جيدة التربة، كما وصف ليون الإفريقي في (وصف إفريقيا) بأنها سهل فسيح تنتشر فيه زراعة الكروم والحمضيات والتين (1) .
تعود إلى ما قبل التاريخ، حسب الآثار التي عثر عليها بوادي (المويلح) من طرف بعثة فرنسية عام 1908 تمثلت في هياكل عظمية وقطع من الفخار لا تزال يحتفظ بها في متحف وهران.
كانت مستوطنة فينيقية في البداية أطلق عليها اسم (Syr) ، ثم أصبحت حصنا عسكريا رومانيا تحت اسم (Numerus Syrorum) نسبة إلى الجيوش التي جيء بها من سوريا.
حسب تقرير قدمه عام 1847 قبطان من سلاح المدفعية وعضو في الجمعية الأثرية لجنوب فرنسا؛ فإن الحصن يتكون من خندق محاط بمجموعة من الأبراج وأربعة أبواب، وقد عثر فيه على نقوش أثرية وأدوات وتماثيل وأسلحة يعتقد أن تاريخها يعود إلى فترة الإمبراطور الروماني Macrin الذي حكم بين عامي 217 و 218 ق م (2).
دخلها الإسلام في القرن السابع عن طريق القبائل العربية التي استوطنت المنطقة بحثا عن الاستقرار والعيش، حيث ارتبطت بينها وبين القبائل البربرية المقيمة في المنطقة وشائج متباينة تخللتها صراعات متقطعة حول مصادر المياه وأراضي الرعي. ولا نعلم كثيرا عن المدينة خلال هذه الفترة سوى أنها كانت مركزا تجاريا وهمزة وصل بين حاضرة فاس المغربية وتلمسان.
هوامش
1 - عبد الله مزيان ـ الأبعاد التربوية في عادات وتقاليد أهالي مدينة مغنية ص 7
2 - وجدت شواهد منقوشة على القبور تحمل تاريخ 344 و348 تؤكد الوجود الروماني خلال هذه الفترة .
المصدر : Jean Yves Thorrignac – Marnia P 2
La Ville de Maghnia - cite Tafna 26/02/2011
الحلقة (3/2)
اشتهرت المدينة بهذا الاسم نسبة لولية صالحة تدعى الحاجة لالة مغنية (1757/1797) عاشت في المنطقة ويروى أنها رفضت الارتباط بأحد النبلاء من فاس ورضيت برجل من عامة الناس، الأمر الذي أشعل جذوة الحرب بين القبيلتين .
كانت امرأة مشهورة ( صاحبة خير وصلاح وولية ورعة، ذات أخلاق حميدة ونفس طيبة، كانت لها قدرة فائقة على تحصيل العلوم .. وقد تمازج فيها جمالها وعلمها وطيبتها؛ فكانت لها كرامات الأولياء وفكر العلماء وأخلاق الصلحاء ) (1) .
ويبدو أنها كسبت ود وتقدير الأهالي الذين أنشؤوا لها قبة ستكون نواة مدينة عامرة لا تزال تضم بين جنباتها عائلات تنحدر من سلالتها.
ومن الشخصيات التي أعجبت بسيرتها؛ نجد الكاتبة السويسرية الأصل دفينة عين الصفراء إيزابيل إبرهارت (1877/1904) التي قامت بزيارة ضريحها وسجلت انطباعاتها في إحدى مذكراتها قائلة : " كانت زاوية لالة مغنية أفضل من حصن تحرس الدولتين اللتين وضعت بينهما كمنارة للصلاة والحماية. والخطوات التي جعلتني اتبعها قادتني من مساكنها في الحياة إلى مسكنها الأبدي " ثم تضيف متحدثة عن الأسلوب الذي أرادت أن يكون نهاية لحياتها " بعد أن قسمت ممتلكاتها بين أتباعها المخلصين ؛ أرادت أن تغادر إلى الحياة الأبدية وهي ترتدي برنوس الحج المتواضع، إنه لمن دواعي الفخر أني جمعتُ العناصر المبعثرة في أسطورتها " (2) .
استغل الأمير عبد القادر موقعها الهام كقاعدة لغزواته في منطقة تلمسان، حيث كان بإمكانه التسلل إلى المغرب عندما تحاصره القوات الفرنسية، وهناك كان يلقى الدعم والتأييد من سلطان المغرب ورعيته التي أبدت تعاطفا ملحوظا مع المقاومة الجزائرية، حتى إذا ما وقعت معركة إيسلي في 14 أوت 1844 التي تكبدت فيها الجيوش المغربية خسائر فادحة أمام جيش فرنسي قوي ومنظم، أعقبها قصف عنيف لمدينتي طنجة والصويرة الساحليتين، مما جعلها ترضخ للجلوس إلى طاولة المفاوضات في معادة (طنجة) المؤرخة في 10 سبتمبر 1844 التي تضمنت 8 بنود من بينها منع مساعدة الأمير واعتباره خارجا عن القانون، ثم معاهدة (لالة مغنية) بتاريخ 18 مارس 1845 التي تضمنت سبعة بنود من بينها ترسيم الحدود بين البلدين والتعهد بعدم دعم المجاهدين الجزائريين واعتبار الأمير خارجا عن القانون، وهذه من جملة الأسباب التي أضعفت جانب الأمير وجعلته يتخلى عن كثير من قواعده لصالح القوات الاستعمارية ا
تاريخ مدينة مغنية Lalla Marnia
الحلقة الأخيرة (3/3)
النشأة والتكوين Création et Développement
ـ بأمر من الجنرال لاموريسيير La moricière؛ دخل الجنرال بيدو (Bedeau) المدينة غازيا عام 1844 وأنشأ فيها حصنا عسكريا على أنقاض الحصن الروماني، ضم حامية تتكون من نحو 400 جندي ومستشفى عسكريا يسع 50 مريضا (1).
1 ـ حافظت السلطات الفرنسية على اسم المدينة لالة مغنية (Lalla Marnia) إلى غاية عام 1922 حيث تم حذف عبارة التقدير من اسمها بقرار بلدي. تكلمنا عن هذين الجنرالين في الحلقات السابقة (تاريخ أولاد ميمون وندرومة) .
ـ في عام 1850 أصبحت الحامية تضم 1800 جندي.
ـ شهدت المنطقة خلال هذه الفترة عمليات نهب وتخريب للعصابات المغربية التي كانت لها غرات متكررة كبدت السلطات الفرنسية خسائر في الأرواح والممتلكات، مما جعلها تفكر جديا في تحويل هذا المركز العسكري إلى مركز استيطاني .
ـ وهو الأمر الذي تم التمهيد له بتشجيع استقرار الأوروبيين في هذه المنطقة تحت إغراء موقعها الذي يشكل مركزا تجاريا هاما، حيث بدأ توافد التجار والحرفيين...
ـ كما تم إنشاء مكتب للبريد ومكتب لتسجيل العقارات عام 1856
ـ تم إنشاء منطقة مغنية كبلدية مختلطة بقرار حكومي صادر في 30 ديسمبر 1875 ، وبقيت المدينة تحت إشراف السلطات العسكرية إلى غاية 1922.
ـ تم بناء المدينة بالتدريج : الكنيسة 1877 ، البلدية 1889 ، المسجد 1892 ، محطة القطار 1906 ...
ـ في 1 ماي 1884 أصبحت مغنية بلدية أهلية (Commune Indigène)
ـ في عام 1911 بلغ عدد السكان 4065 ن
ـ وفي 1 جويلية 1922 أصبحت بلدية مختلطة (Commune Mixte)، وتغير اسمها إلى (Marnia) لتضم 13 دوارا يشرف عليها حاكم عربي يلقب (القايد).
ـ وفي 1 جوان 1929 أصبحت بلدية تنفيذية (Commune Plein Exercice) ، عين رئيسا لها السيد Elie CHOURAQUI
ـ في عام 1930 ارتفع عدد السكان إلى 4159 ن منهم 1892 أوروبي
ـ في عام 1934 ضم المجلس البلدي 8 يهود، و4 مسيحيين، و6 مسلمين
ـ وفي عام 1953 كان يدير شؤون البلدية السيد Louis GERBAUX بمساعدة نائبين له هما السيدان بن قيقي وحجاج.
ـ عام 1954 كان عدد السكان 11497 ن من بينهم 2273 أوروبي
ـ بتاريخ 20 ماي 1957 أصبحت مغنية إحدى الدوائر الأربع لمحافظة تلمسان، تتكون من ستة نواحي : مغنية، باب العسة، بوحلو، مسيردة التحاتة، بورت ساي، سيدي مجاهد.
المراجع هذا الجزء :
- La Ville de Maghn
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق